البدييييييييييييييييييييييع
صفحة 1 من اصل 1
البدييييييييييييييييييييييع
كان لاتساع مظاهر الحضارة في العصر العباسي ،وتنوع الثقافات ، وامتزاج الشعوب ، وارتقاء الحياة الفكرية
اثر كبير في الاساليب الشعرية . وقد ظهرت طائفة من الشعراء الذين مالوا الى التجديد ، ومجاراة روح العصر
وحرصوا على التجديد في اساليبهم الشعرية ، والتأنق في التعبير ، وتخير الالفاظ وزخرفتها ، فتطورت على ايديهم الظاهرة البديعية . وهم وان لم يبتكروا البديع ابتكاراً ، فإنهم أكثروا منه في شعرهم 0
ومن سعراء هذا المذهب البديعي :
1- بشار بن برد
2- ابن هرمه =( هو ابراهيم بن هرمه من قبيلةهذيل كان مولده سنة ( 90هـ) وفاته في خلافة هارون الرشيد
3- والعِّتابي =( كلثوم بن عمرو العتّابي)
4- ابو النواس
5- مسلم بن الوليد
6- ابو تمّام
7- البحتري
8- ابن المعتز
ولكن هؤلاء الشعراء لم يكونوا سواءً في هذه الصنعة من حيث الإقلال والإكثار، او السّهولة والتوعر
او المذهب والاتجاه، فقد اختلف مقدار عنايتهم بها واختلفت تبعاً لذلك اساليبهم في النّظم
** ظاهرة البديع في شعر شعراء القرن الثاني الهجري
كانت بداية هذه الظاهرة لدى عدد من شعراء القرن الثاني الهجري ، وفي مقدمتهم :
بشار بن برد – وابراهيم بن هرمه - وكلثوم بن عمرو العتّابي – وابو النواس
فقد كثر البديع عند هؤلاء الشعراء بالنسبة الى من سبقهم من شعراء الجاهلية والاسلام
ولكن من غير اغراق في التكلف او الصنعة ، فقد حافظوا على صدق الفطرة في القول
وسلامة الطبع مع الاهتمام الواضح في تخير الالفاظ ة التفنن في اساليب التعبير ،
وقد وصف الجاحظ بشاراً بأنه كان حسن البديع متفوقاً في مناحي القول ومن الشواهد على التجديد
في فنون البديع ظهور ما يعرف ( بحسن التعليل) عند بشار بن برد واستخدامه في شعره
ما يلاحظ في الابيات التالية من قصيدة يرثي بها اصدقاء له ماتوا كلهم فعلّل موتهم بقوله:
doPoem(0)
فالشاعر يضيق بالوحدة بعد رحيل اصدقائه ، ويذكر سبباً خيالياً لهذا الرحيل هو
إن المنايا حسدته على اصداقتهم ورأته ليس أهلاً لهم ، فحرمته ايامهم ، وانامتهم
بعنف نومة لن يستيقظوا بعدها ، فهذا التعليل خيالي لا يخلو من لطف وطرافة .
حسن التعليل = ( هو من المحسنات البديعية للمعاني )
1- هام = ( جمع هامة / وهي طائر الليل الذي يعتقد العرب انه يحوم حول القبور)
2- نفستْهُم = ( حسدتْه عليهم ، ورأته ليس أهلاً لهم )
ومن التقسيم في شعر بشار ما قاله في وصف ما لحق بالأعداء من هزيمة مستوفياً اقسام
المعنى المطلوبة لتصوير الهزيمة :
doPoem(0)
فالشاعر بهذا التقسيم الدّقيق يحسن تلخيص النتيجة ويوضح الحكم الذي اطلقه في بدايةالبيت بقوله = فراحوا = اى تشتتوا ، اذ تكتمل صورة هذا التشتت بذكر جميع اشكاله وهي الاسر ، والقتل والفرار0
ومن الشعراء الذين ذهبوا مذهب بشار في الاكثار من الوان البديع الشاعر :/ ابن هرمه ومن امثلة ذلك استخدامه
الطبّاق في قوله:
doPoem(0)
فالشاعر يفخر بانه ميمون يحظى منه الجار بالخير والامان ولكنه مشوم على العدا ينالهم منه الفتك والهزيمة
ويلاحظ إن الشاعر يطابق بين / ميمون / و / مشوم / مطابقة سهلة قريبة التناول ، تسهم في ابراز المعنى
وهو انه يتحلّى بخُلق الرّجل الذي يعطي المواقف حّقها مهما تباينت 0
مسلم بن الوليد
يعد مسلم بن الوليد راس مدرسة البديع حيث اكثر من استخدامه في شعره قياسا الى
من تقدمه من الشعراء . فكان له بعد ذلك اثر واضح في تطور مفهوم البديع وتحديد معالمه ،
حتى إن بعض النقاد يذهبون الى القول بانه اول من يقترح اسم / البديع/ او / اللطيف/ لهذه
الصنعة .ثم ما لبثت هذه الكلمة إن شاعت حتى صارت تعني كل صورة غريبة او جديدة وان
كانت في مجال الاستعارة او التشبيه وهو ما عرف بعلم البيان فيما بعد ومع ذلك فقد كان مسلم بن الوليد
حريصا على تنقيح شعره ومراجعته وتجديده حتى قيل انه :
( زهير المولدين = تشبيها له بالشاعر زهير بن ابي سلمى - صاحب الحوليات)
ومن امثلة البديع في شعر مسلم بن الوليد ، ما ورد في الابيات التالية من قصيدة له بمدحهما :
يزيد بن مزيد الشيباني :
doPoem(0)
)
فهذه ابيات من قصيدة طويلة حافلة بالوان الصنعة البديعية والصور البيانية على نحو يفوق
ما ظهرعند بشار بن برد وابن هرمه ، فالشاعر في البيت الاول يصور السيف في يد الممدوح
بشهاب الموت ، يهوي على الفوارس والابطال . ثم يستخدم / الجناس في البيت الثاني بين لفظ
( يفتُّر ) بمعنى تنفرج شفتاه عن ابتسامة ولفظ ( افترار) بمعنى اندلاع الحرب . ولم يكتف بالجناس
، بل اضاف اليه / الطباق / بين الابتسام في وجه الممدوح / والتغُّير / في وجه الابطال .
ثم تعمد استخدام الجناس مرتين في البيت الثالث بين ( مهجٍ ، ورهجً وأجل ، وأامل ثم عاد الى الطباق
في البيت الرابع بين لفظي / التعجّل ، و التمهّل.
وهكذا يسرف مسلم بن الوليد في استخدام الوان البديع ، ويحشده في القصيدة الواحدة ، والبيت الواحد
مع اجتهاد واعمال فكرٍ وتأنًّ في إخراج المعاني واحكام الصنّعة ، بحيث يتحقق للعبارة الشعرية ما يسعى
اليه الشاعر من ايضاح للمعنى ، وايقاع موسيقي جميل ، ولكن في هذا كله طغيان للصنّعة على
سلامة الفطرة وبساطة الطّبع.
1- افترار الحرب / اندلاعها
2- موف /مشرف - رهج / غبار
3- تعيا الرجال به / تعجز عن تحقيقه
***
ظاهرة لبديع في القرن الثالث الهجري
اخذت ظاهرة البديع في الاتساع والشيوع في القرن الثالث الهجري وكان لأبي تمّام أثره الكبير
في ذلك ، فقد بلغت ظاهرة البديع على يديه أوجها من حيث التأنق والزخرف اللّفظي والتكلّف
والتعقيد في بعض الاحيان. ومرد ذلك عند أبي تمّام الى مجموعة من العوامل منها تأثره الشديد
بطريقة مسلم بن الوليد الذي اسهم الى حد بعيد في شيوع هذه الظاهرة ووضوح معالمها في اواخر
القرن الثاني الهجري واوائل القرن الثالث الهجري من ناحية ، وسعة علم أبي تمّام وإلمامه بثقافات
عصره وغزارة محفوظه الأدبي واللغوي من ناحية ثانية كل هذه العوامل أدت الى توسّع أبي تمّام في
استخدام البديع ومزجه بالمنطق والفلسفة ، حرصا منه على اظهار علمه وتفوقهالثقافي واللغوي ومقدرته
الشعرية على التجديد واستحداث المعاني . ولهذا فإنه الدارس لشعر أبي تمّام والمتتبع لظاهرة البديع فيه
يجده حافلا بمختلف الوان البديع وفنونه كما أنه يلاحظ التفاوت والاختلاف في شعره من حيث حسن
استخدامه البديع مع وضوح الدلالة واستقامة المعنى حيناً او الوقوع في الغموض والالتواء حيناً آخر
ومن الشواهد على كثرة استخدام أبي تمّام لألوان البديع ، في قصيدته المشهورة في فتح عمورية والتي
يقول فيها:
doPoem(0)
اثر كبير في الاساليب الشعرية . وقد ظهرت طائفة من الشعراء الذين مالوا الى التجديد ، ومجاراة روح العصر
وحرصوا على التجديد في اساليبهم الشعرية ، والتأنق في التعبير ، وتخير الالفاظ وزخرفتها ، فتطورت على ايديهم الظاهرة البديعية . وهم وان لم يبتكروا البديع ابتكاراً ، فإنهم أكثروا منه في شعرهم 0
ومن سعراء هذا المذهب البديعي :
1- بشار بن برد
2- ابن هرمه =( هو ابراهيم بن هرمه من قبيلةهذيل كان مولده سنة ( 90هـ) وفاته في خلافة هارون الرشيد
3- والعِّتابي =( كلثوم بن عمرو العتّابي)
4- ابو النواس
5- مسلم بن الوليد
6- ابو تمّام
7- البحتري
8- ابن المعتز
ولكن هؤلاء الشعراء لم يكونوا سواءً في هذه الصنعة من حيث الإقلال والإكثار، او السّهولة والتوعر
او المذهب والاتجاه، فقد اختلف مقدار عنايتهم بها واختلفت تبعاً لذلك اساليبهم في النّظم
** ظاهرة البديع في شعر شعراء القرن الثاني الهجري
كانت بداية هذه الظاهرة لدى عدد من شعراء القرن الثاني الهجري ، وفي مقدمتهم :
بشار بن برد – وابراهيم بن هرمه - وكلثوم بن عمرو العتّابي – وابو النواس
فقد كثر البديع عند هؤلاء الشعراء بالنسبة الى من سبقهم من شعراء الجاهلية والاسلام
ولكن من غير اغراق في التكلف او الصنعة ، فقد حافظوا على صدق الفطرة في القول
وسلامة الطبع مع الاهتمام الواضح في تخير الالفاظ ة التفنن في اساليب التعبير ،
وقد وصف الجاحظ بشاراً بأنه كان حسن البديع متفوقاً في مناحي القول ومن الشواهد على التجديد
في فنون البديع ظهور ما يعرف ( بحسن التعليل) عند بشار بن برد واستخدامه في شعره
ما يلاحظ في الابيات التالية من قصيدة يرثي بها اصدقاء له ماتوا كلهم فعلّل موتهم بقوله:
doPoem(0)
كيف يصفو لي المُقامُ وحيداً=والأخلاّء في المقابرِ هامُ (1) |
نِفسْتهُـمْ علـيّ أُمُّ المنايـا=فأنا متهُمْ بعنفٍ فناموا (2) |
فالشاعر يضيق بالوحدة بعد رحيل اصدقائه ، ويذكر سبباً خيالياً لهذا الرحيل هو
إن المنايا حسدته على اصداقتهم ورأته ليس أهلاً لهم ، فحرمته ايامهم ، وانامتهم
بعنف نومة لن يستيقظوا بعدها ، فهذا التعليل خيالي لا يخلو من لطف وطرافة .
حسن التعليل = ( هو من المحسنات البديعية للمعاني )
1- هام = ( جمع هامة / وهي طائر الليل الذي يعتقد العرب انه يحوم حول القبور)
2- نفستْهُم = ( حسدتْه عليهم ، ورأته ليس أهلاً لهم )
ومن التقسيم في شعر بشار ما قاله في وصف ما لحق بالأعداء من هزيمة مستوفياً اقسام
المعنى المطلوبة لتصوير الهزيمة :
doPoem(0)
فراحوا فريقٌ في الإسار ومثِْلُهُ=قتيلٌ ومثلٌ لاذ بالبحرِ هاربه |
فالشاعر بهذا التقسيم الدّقيق يحسن تلخيص النتيجة ويوضح الحكم الذي اطلقه في بدايةالبيت بقوله = فراحوا = اى تشتتوا ، اذ تكتمل صورة هذا التشتت بذكر جميع اشكاله وهي الاسر ، والقتل والفرار0
ومن الشعراء الذين ذهبوا مذهب بشار في الاكثار من الوان البديع الشاعر :/ ابن هرمه ومن امثلة ذلك استخدامه
الطبّاق في قوله:
doPoem(0)
وإني لميمونٌ جواراً وإنني=إذا زجر الطير العِدا لمشومُ |
فالشاعر يفخر بانه ميمون يحظى منه الجار بالخير والامان ولكنه مشوم على العدا ينالهم منه الفتك والهزيمة
ويلاحظ إن الشاعر يطابق بين / ميمون / و / مشوم / مطابقة سهلة قريبة التناول ، تسهم في ابراز المعنى
وهو انه يتحلّى بخُلق الرّجل الذي يعطي المواقف حّقها مهما تباينت 0
مسلم بن الوليد
يعد مسلم بن الوليد راس مدرسة البديع حيث اكثر من استخدامه في شعره قياسا الى
من تقدمه من الشعراء . فكان له بعد ذلك اثر واضح في تطور مفهوم البديع وتحديد معالمه ،
حتى إن بعض النقاد يذهبون الى القول بانه اول من يقترح اسم / البديع/ او / اللطيف/ لهذه
الصنعة .ثم ما لبثت هذه الكلمة إن شاعت حتى صارت تعني كل صورة غريبة او جديدة وان
كانت في مجال الاستعارة او التشبيه وهو ما عرف بعلم البيان فيما بعد ومع ذلك فقد كان مسلم بن الوليد
حريصا على تنقيح شعره ومراجعته وتجديده حتى قيل انه :
( زهير المولدين = تشبيها له بالشاعر زهير بن ابي سلمى - صاحب الحوليات)
ومن امثلة البديع في شعر مسلم بن الوليد ، ما ورد في الابيات التالية من قصيدة له بمدحهما :
يزيد بن مزيد الشيباني :
doPoem(0)
يغْشى الوغى وشهابُ الموتِ في يدِهِ=يرمي الفوارس والابطال بالشُّعـلِ |
يفتُّر عند افترارِ الحـرب مبتسمـا=إذا تغيّر وجهُ الفارسُ البطـلِ (1) |
موفٍ على مُهجٍ في يومِ ذي رهـجٍ=كأنه أجلٌ يسعـى إلـى أمـلِ (2) |
ينالُ بالرّفق ما تعيـا الرجـالُ بـه=كالموتِ مستعجلاً يأتي على مهلِ (3 |
فهذه ابيات من قصيدة طويلة حافلة بالوان الصنعة البديعية والصور البيانية على نحو يفوق
ما ظهرعند بشار بن برد وابن هرمه ، فالشاعر في البيت الاول يصور السيف في يد الممدوح
بشهاب الموت ، يهوي على الفوارس والابطال . ثم يستخدم / الجناس في البيت الثاني بين لفظ
( يفتُّر ) بمعنى تنفرج شفتاه عن ابتسامة ولفظ ( افترار) بمعنى اندلاع الحرب . ولم يكتف بالجناس
، بل اضاف اليه / الطباق / بين الابتسام في وجه الممدوح / والتغُّير / في وجه الابطال .
ثم تعمد استخدام الجناس مرتين في البيت الثالث بين ( مهجٍ ، ورهجً وأجل ، وأامل ثم عاد الى الطباق
في البيت الرابع بين لفظي / التعجّل ، و التمهّل.
وهكذا يسرف مسلم بن الوليد في استخدام الوان البديع ، ويحشده في القصيدة الواحدة ، والبيت الواحد
مع اجتهاد واعمال فكرٍ وتأنًّ في إخراج المعاني واحكام الصنّعة ، بحيث يتحقق للعبارة الشعرية ما يسعى
اليه الشاعر من ايضاح للمعنى ، وايقاع موسيقي جميل ، ولكن في هذا كله طغيان للصنّعة على
سلامة الفطرة وبساطة الطّبع.
1- افترار الحرب / اندلاعها
2- موف /مشرف - رهج / غبار
3- تعيا الرجال به / تعجز عن تحقيقه
***
ظاهرة لبديع في القرن الثالث الهجري
اخذت ظاهرة البديع في الاتساع والشيوع في القرن الثالث الهجري وكان لأبي تمّام أثره الكبير
في ذلك ، فقد بلغت ظاهرة البديع على يديه أوجها من حيث التأنق والزخرف اللّفظي والتكلّف
والتعقيد في بعض الاحيان. ومرد ذلك عند أبي تمّام الى مجموعة من العوامل منها تأثره الشديد
بطريقة مسلم بن الوليد الذي اسهم الى حد بعيد في شيوع هذه الظاهرة ووضوح معالمها في اواخر
القرن الثاني الهجري واوائل القرن الثالث الهجري من ناحية ، وسعة علم أبي تمّام وإلمامه بثقافات
عصره وغزارة محفوظه الأدبي واللغوي من ناحية ثانية كل هذه العوامل أدت الى توسّع أبي تمّام في
استخدام البديع ومزجه بالمنطق والفلسفة ، حرصا منه على اظهار علمه وتفوقهالثقافي واللغوي ومقدرته
الشعرية على التجديد واستحداث المعاني . ولهذا فإنه الدارس لشعر أبي تمّام والمتتبع لظاهرة البديع فيه
يجده حافلا بمختلف الوان البديع وفنونه كما أنه يلاحظ التفاوت والاختلاف في شعره من حيث حسن
استخدامه البديع مع وضوح الدلالة واستقامة المعنى حيناً او الوقوع في الغموض والالتواء حيناً آخر
ومن الشواهد على كثرة استخدام أبي تمّام لألوان البديع ، في قصيدته المشهورة في فتح عمورية والتي
يقول فيها:
doPoem(0)
السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتـبِ=في حدّه الحدُّبين الجدّ واللعبِ |
بيضُ الصّفائحِ لاسودُ الصحائف=متونهِنّ جلاءُ الشّكِ والرّيـبِ |
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى